يقول
راسل: "فلما ذهبت إلى كامبردج انفتح أمامي عالم جديد من نشوة ليس لها حدود؛ إذ وجدت للمرة الأولى أنني إذا ما صرحت بفكري صادف عند السامعين قبولاً، وكان عندهم على الأقل جديراً بالنظر".
والانتقال إلى الجامعة قديماً أو حديثاً معناه: الانتقال من بيئة محدودة مغلقة إلى بيئة متفتحة، الإلحاد فيها موجود، والذي لا يصلي موجود، والذي لا يلتزم بالدين موجود، الغربي والشرقي من أصحاب الفلسفات والضلالات يجدهم الشاب في الجامعة، بعد ما كان في الثانوية محصوراً تقريباً.
وهنا تبدأ مرحلة جديدة في حياة هذا الملحد حينما يلتقي بفيلسوف إنجليزي آخر هو
وايتهيد .
والخلاصة النهائية التي نستفيدها من قصة هذا الملحد أننا تعرفنا من خلالها كيف ينشأ الإلحاد، وعلى أي أساس يقوم؛ على يقينيات أو على قطعيات، وما قوة الفلسفة، وما مكانتها، وهل تصلح بديلاً عن الدين، وهل يمكن أن تعوض البشر عن الدين الذي أنزله الله سبحانه وتعالى كتاباً مفصلاً يهدي إلى الطريق المستقيم، وتكفَّل بالهداية والسعادة لمن عمل بما فيه وآمن به واتبعه: ((
فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى))[طه:123]، ولا ضلال ولا شقاء إلا لمن أعرض عنه: ((
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا))[طه:124] وتكفل الله سبحانه وتعالى لمن عمل به -وهو مؤمن- بالحياة الطيبة: ((
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً))[النحل:97] الحياة الطيبة للمؤمن يقابلها المعيشة الضنك للكافر وللملحد.